مشاركة الخبر
أزمة الدراما الأردنية.. الواقع والمطلوب
بتنظيم من دائرة المرافق والبرامج الثقافية في أمانة عمان، عُقدت مساء أمس السبت/ 22/7 في مركز الحسين الثقافي/ رأس العين، ندوة ' أزمة الدراما الأردنية؛ الواقع والمطلوب' والتي تحدث فيها بشكل تفصيلي نقيب الفنانين الأردنيين المخرج محمد يوسف العبادي وعضو المجلس الفنان زهير النوباني، وبإدارة الروائي والإعلامي د. حسين العموش، وبحضور حشد من جمهور ضمَّ العديد من الفنانين والإعلاميين والمهتمين.
وفي تقديمه أشار العموش إلى أهمية إقامة هذه الندوة في تشريح الواقع الدرامي والالتفات إلى مكامن الخطأ والصواب فيه بغية الإصلاح والتطوير، وأشار إلى أنَّ هناك جهوداً كبيرة تبذل ولكن الرسائل لا تصل، وفي الابتعاد عن صناعة الدراما الحقيقية فجميعنا خاسرون.
ومن جانبه رحّب نقيب الفنانين المخرج محمد يوسف العبادي بداية بالحضور، شاكراً دائرة المرافق والبرامج الثقافية في أمانة عمان الكبرى على هذا التنظيم لمثل هذه الندوة التي تسعى إلى التأشير على مكامن الخلل بغية التطوير بما يخدم الحركة الفنية الأردنية بعمومها، وبيّن أنَّ أزمة الدراما الأردنية قديمة جديدة متجددة، وأنَّ هناك خللاً في ضعف تثقيف صانع القرار بأهمية الدراما وفي التواصل والتحاور معه، وأنَّها ليست ترفاً سلوكيّاً أو متعة مجانية بلا معنى، فالدراما هي جزء من منظومة الأمن الوطني، لأنَّ هناك مفهوم له علاقة بالأمن الثقافي الفني من الضروري تنميته وتسليط الضوء عليه، وأكّد على هذه الفكرة مراراً أي ضرورة أن يقتنع صاحب القرار في إدارة الملف الثقافي والفني بتفهم أنَّ الفن عموماً له اليد الطولى في صياغة الوجدان الوطني والشعبي، وأنَّه من يترجم خطاب الدولة الأردنية وتاريخها وموروثها، وأنَّ الدراما هي القوة الناعمة في صوغ الوعي الجمعي والانتماء ومن ثم ازدهار الوطن.
وعرّج العبادي على دور النقابة الحالي وأبرز المشاريع التي تعمل عليها، وفيما يتعلق بدور النقابة في خدمة منتسبيها وضرورة أن يلتفت صانع القرار إلى النقابة فقد وجّه رسالة إلى دولة رئيس الوزراء د. بشر الخصاونة مفادها أنَّنا نرحب بالتحاور معكم حول أبرز القضايا التي تهم الفنان الأردني، ونريدكم قريبا منا، وأنَّ دولة الرئيس كثيراً ما أشار في حديثه إلى انحيازه للفنان وقضاياه، وهذا اللقاء ربما يذلل الكثير من الصعوبات ونخرج به بحلول توفيقية رائدة وإبداعية... وحول المسرح أشار العبادي أنه بخير برغم كل الصعوبات، وتطلع إلى ازدهار الدراما الأردنية في المرحلة القادمة، وأن يتم إنتاج أعمال درامية كبيرة ووازنة وراقية تشبهنا في كل شي، وفيها من منظومة قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا الأصيلة؛ كي تنافس مثيلاتها كالدراما المصرية والسورية والتركية، وأن تعود كما كانت في سابق عهدها، كون الدراما الأردنية وبخاصة المسلسلات البدوية كانت عابرة للحدود ولها مكانة عربية مرموقة.
كما أشار إلى أنَّ الأردن في هذه الآونة بما يتمتع به من استقرار أمني قادر على قيادة مشروع ثقافي وحدوي عربي شامل وعملاق إن استثمرنا هذا الظرف التاريخي، والفنان الأردني قادرٌ على حمل مثل هذا المشروع النهضوي مثلما حمل بكل أدواته الفنية ومهاراته الإعداد والتحضير والنقل لعرس الأمير الحسين ولي العهد باقتدار.
وتحدّث الفنان العريق زهير النوباني عضو مجلس النقابة بحرقة بالغة عن واقع الدراما الأردنية مشيراً إلى أنَّه عاتب منذ سنوات، وأنَّ واقع الدراما الآن ما هو إلا جزء من واقع متردٍ في التربية والسلوك والإدارة عموماً، وأنَّ الخلل الرئيس يكمن في سوء الإدارة، حيث أنَّ ضعف الإدارة الثقافية العليا هو من خلق هذه الإشكاليات التي فتت في عضد الحركة الدرامية الأردنية، مما يعني أنَّ هناك خلل واضح في إدارة الملف الثقافي والدرامي، وبيّن النوباني جهود الحركة الدرامية والمسرحية منذ نهاية الستينيات إلى اليوم معرجاً على تبيين فترات الضعف والتراجع مبينا بعضاً من أسبابه، مشيراً إلى فجوة غياب دور السينما في صحن العاصمة عمان، وكيف للزائر لهذه المدينة العريقة أن لا يجد فيها مسرحا فاعلا أو دار سينما مثلما كانت في الثمانينيات والتسعينيات. ولخص النوباني الحالة بضرورة تطوير إدارة الملف الثقافي وأن تكون هناك نظرة وطنية جادة للإصلاح، وأن نكون صادقين في الإدارة والتنظيم واجتراح الموازنات المعقولة لإنتاج أعمال أردنية تضاهي مثيلاتها العربية وتعيد المسلسل الأردني لسابق عهده، كما أنَّ هناك روائيين أردنيين وكتاب قصة مهرة يمكن الإفادة من تجربتهم السردية في كتابة السيناريو والمسلسلات المتوهجة والرائعة.
وعلى هامش الندوة فُتح باب الحوار مع الجمهور حيث انصب في جوانب منه على إشكاليات وقضايا الحركة الفنية واجتراح الحلول للخروج من عنق الزجاجة، وفي جوانب أخرى حول دور النقابة ومشاريعها المستقبلية وبخاصة في مجال السعي مع التلفزيون الأردني لإنتاج مسلسلات جديدة؛ ومنها مشاركتها الفاعلة في مهرجان جرش بدروته السابعة والثلاثين لهذا العام حيث سيشارك فيه وبتنظيم من النقابة ما يقرب من 1500 فنان وتقني من النقابة وخارجها، وعدد كبير من المسرحيات والأفلام والندوات. وأشير كذلك إلى جهود النقابة الأخيرة وتقاطعاتها مع وزارة الداخلية والهيئة الملكية للأفلام في موضوع التشريعات وحق النقابة في إصدار تصاريح إقامة الحفلات الفنية وما تحقّق بهذا الخصوص.